الأحد، 20 أبريل 2014


الميــــــنستريم


تبدأ الحياة بفكرة وتستمر بالجدال فيها الى ان تنتهى بالاقناع او شبه الاقنتاع..
الفكرة هى فيلم اتعرض ثم اتوقف ثم قامت الدنيا ولم تقعد..بس هتقعد كمان شوية بعد ما تتعب او نفهم
افلام السبكى هى خلطة او تتبيلة تضاف لفكرة تجعلها متحبشة بمذاق الشارع والواقع الاليم والبغيض فى عيوننا احيانا ولكنه الواقع ، كتير بتعجبنا وبنصدقها وبتوجعنا وبنقول ايوة هو دة حالنا.. زى الفرح وكباريه وغيرهم
انقسم الناس حول قرار منع فيلم حلاوة روح..مبدأيا كدة لم اشاهده ، وبالتالى ليس لى حق نقده ولا نقد اى شىء فيه ، ولكن من حقى ان اعترض ، اه من حقى اعترض على فكرة طفل بطل لفيلم يقدم رسالة سواء ايجابية او سلبية لمن هم فى مثل سنه فى عمل سينمائى عليه لافتة "للكبار فقط" !! الفكرة هنا لو الفيلم يقدم مورال معين على المراهقين ان يستشفوه من احداث الفيلم فهم لن يشاهدوه ولو لم يكن يقدم اى شىء..فما الفكرة من وجود طفل 13 سنة فى سياق احداث هى للكبار فقط ؟
    يتشدق الكثيرون بعبارة " الفن مرآة المجتمع" على عينى وراسى وموافقة وابصم بالعشرة.. ولكن ، المجتمع فى حالة انحدار اخلاقى غير مسبوقة فهل يجب ان يقف هذا المجتمع امام المرآة 24 ساعة ليرى بشاعته فيتأكد كل يوم انه سقط اسفل سافلين وخلاص هى جت علينا ما كله كدة
 ماذا فعلنا فى المقابل من محاولات لتجميله..لاتوجد افلام راقية او واعية لتواجه ولا اعتقد ان المنتجين فى حالة مادية تسمح لهم بذلك
فالحال فى الحضيض والسوق الفنى فى اسوأ حالاته بسبب الاحوال السياسية و..و..
    المجتمع كمان بيعانى من ضعف كامل فى مناعته الاخلاقية.. والاسباب عديدة ولاداعى لسردها لانها اوضح من شمس الشموس
فهل يصح ان أُعرّض مريض بهذا الضعف المناعى لاشد تيارات العدوى خطورة واوسع الفيروسات الاخلاقية انتشارا..
ثم والاهم من كل هذا ، نحن نتبع الان ثقافة الmain stream الا وهى تنجح اغنية وتكسر الدنيا نعمل منها 10 ، ينجح فيلم ويجيب ملايين نفصل من توبه 100 فيلم وفيلم ، ومرة فيلم يصيب و10 يخيبوا ونوصل لمرحلة المزايدة فى الواقعية ونجوّد ونزوّد لحد ما نلاقى عيال بتمارس الجنس علنا - مش تلميحا زى فيلم حين ميسرة  - مثلا ويقولك دة واقعية وبلاش ندفن راسنا فى الرمل
نقوم بقى ندفنها لامؤاخذة فى فضلات عضوية..
اعلم تماما ان المنع ليس هو الحل ، فالشىء الذى تمنعه الان ينتشر كالنار فى الهشيم بعد ساعة من إعلان منعه..انا مدركة تماما لعناد الافكار وصراع الاشياء على بقائها فى دائرة المسموح حتى لو خبأتها فى درج الممنوع ، ولكن ...
قرار منع الفيلم ليس للفيلم فقط ولكنه لمنع طابعة افلام هتنزل بعده على نفس شاكلته تحت شعار واقعية الواقع المُزرى ثم ياتى الشعار الاصدق وإن كان الاخطر "الافلام دى بتاكل مع الجمهور" وتفضل الحكاية تتعاد وتتكرر ولكن على اختلاف رؤى المخرجين وامكانيات المنتجين وقدرات الممثلين.. واذا صادفنا فيلما ممجوج او غير مقبول ولكنه يحمل نفس الوشم وحاولنا منعه سوف نواجه بالكلمة المقيتة "اشمعنى بقى" 
   
إذا هو ظاهره منع ولكنه درء المفاسد الذى هو مقدم ومفضل على جلب المنافع ، وإن كنت اشك ان له اى منفعة سوى محاولات التأكيد على الحرية والابداع والنقلة الثقافية والحضارية التى سوف تنقلنا من السىء للاسوأ..
ايام ما كانت الدنيا دنيا كان هناك فيلم سىء وفيلم جيد ، وكانت هناك فلاتر شخصية وفردية بل وكانت هناك قدرة رائعة على الفصل بين الغث والنفيس والمقبول والمرفوض ، انتهت هذة المرحلة وانتهت الفواصل بين الطبقات واصبحت افكار والفاظ ومفردات ادنى واشقى البيئات والمجتمعات هى المينستريم لباقى الطبقات ، فاصبح الجميع نجوم من البلطجى الى الشاذ الى الساقطات ...الخ
الخلاصة عايز تعمل فيلم يحمل افكار جريئة وشرسة حاول تفهم ان مجتمعك فى اضعف حالاته التقديرية لاى شىء وبوصلته خربانة ومش عارف يشوف نقطة ضوء فى النفق المظلم.. عايز توريه الضلمة افتحله طاقة نور صغيرة اشعل له مصباح ولا حتى عود كبريت ،اعملى فيلم لمراهقين بيرفضوا الانحداراللفظى على الاقل ، اعملى فيلم لبطل رياضى صغير خارج من حارة.. طبعا دى قصة لاتغرى اى منتج ، هو عايز الواقع القذر لانه بياكل مع الجمهور و بيريل عليه لامؤاخذة.

 دة اللى عندى لحد ما اشوف الفيلم ، انا بحب الابداع والله ومش ضده ، لكن مبقاش فاضل فى دفتر احوال الوطن غير الندم على اللى نسى نفسه وخرج من داره الاصيل فإتقّل مقداره